30 December, 2011

اكعد أعوج و أحجي عدل

 
ميخ 7
كتب ونشر في اواخر 2003
كل يوم بعد الظهر بعد ما أبو راضي يرجع من الشغل جان ايروح ابوجه لكهوة الطرف ، و يشرب نركيلة و يدردش مع جماعته  بالمحلة ، و كان أبو راضي من الناس اللي ما يسكتون إذا شافوا سالفة عوجة تصير كدامهم ، و أبو راضي مو بس يحجي ،  جان يرزل الناس أصحاب السوالف العوجة ، والناس كلها تسمع له لأن أبو راضي جان يكول كلمة الحك و ما ظلم واحد .
فد يوم قرر أبو راضي ايروح للحج ، و صار اسمه بعدها " حجي أبو راضي " ،  و أول يوم بعد رجعته من الحج و روحته للكهوة جماعته فرحوا بيه ( يالله جاي للحجي ، يالله ناركيلة للحجي ، الله بالخير حجي ..... ) بعد كل هذه المقدمات كعدوا وياه جماعته الصدك و أصدقاؤه المقربون و كالوا له : 
حجي من هسه و فوك بلكي تبطل تحجي على الناس و لا تجيب طار ييهم ، حتى لو شفت سالفة أو حاجة عوجة ، إنت حجي و حجيت بيت الله ، و قالوا له أحسن حل حتى تسكت على الحاجات العوجة أن تشيل حب ركي(لب بطيخ) بجيب الزبون(لباس بغدادي طويل) ، و كل ما تريد تحجي عن أحد أخذ لك جم حبة ركي و كرزها وإذا حجيت عن واحد راح ياخدون منك ليرة دهب رشادية  ، فوافق حجي أبو راضي ، و ترس جيب زبونه حب ركي و على طول يكرس و ساكت على مواضيع عوجة هواية اتصير كدامه ، و جماعته يراقبوه ، و كالوا هالليرة ما راح تطلع من جيب أبو راضي أبدا .


في ظهرية يوم نار كبرة ابشهر تموز(يونيو) ، و أبو راضي لازم قمجي النركيلة بيد و باليد الآخر لازم مهفته يهوي نفسه بيها من الحر ، و إلا واحد ماشي كدامه ، لابس قبوط و جفوف و جزمة وصاية صوف ثقيلة و غترة و لاف راسه بيها .

أبو راضي مد يده رأساً لجيبه و طلع ليرة رشادية و شمرها على جماعته القاعدين بالكهوة و كال :
هاكم أوخذوا الليرة ، ترى آني احتاج كونية(شوال) حب ركي حتى أسكت على هذا الأغبر(الغبي) . هذا حرق قلبي ، شوفوا شوفوا ، معقولة أسكت يا جماعة الخير ؟؟؟؟؟؟؟

إنني أشعر الآن بنفس شعور حجي أبو راضي ؛ فكلما تطاول أحد هؤلاء العنصريون على الأكراد أو الشيعة أو غيرهم من أبناء الشعب العراقي ، أجد لزاما علي أنا الرد ، ليس لأن الأمر يخصني بصفة شخصية ، و لكن لان التطاول على أبناء ملة ما أو قومية ما لمجرد الانتماء لأيهما هو ألف باء العنصرية ، و هذا ما علمتني إياه الأيام و البلدان و البشر

28 December, 2011

صورة الغائب


ميخ -2-
كتب ونشر في صوت العراق في يناير 2003 باسم ابو دارا

مازلت أتابع أخبار العراق الذي تركته منذ أكثر من ثلاثة عقود و لم يتركني ، هزني خبر العفو العام الذي أطلقه الطاغية ، و ما كثرة هزاتي من تصريحاته العجيبة ،  عادت بي ذاكرتي بعيدا ، بعيدا جدا إلى عام 1974 لم أكن هناك وقتها ؛  كنت في بريطانيا  أكمل دراستي العليا كانوا يحتفظون لي في منزل العائلة بصورة كبيرة ملونة(صورة الغائب) داخل جرجوبة – برواز  جميل مذهب .

جاء البعثيون البرابرة إلى منزلنا مثلما حلوا – بعدها بأعوام كالجراد على منازل كل الاكراد الفيليين بالعراق وقتها . قلبوا الدار "فوك  جوه " ، كانت التهمة أن  اخي مشترك في الثورة الكردية ، كان العقاب جماعيا ، أخذوا أمي و أختي بملابس البيت في عز برد آذار  . و لم يكن مسموحا لهم حتى بحضور عملية التفتيش و المصادرة ، وقفوا هناك يلقون النظرة الأخيرة على حطامهم الذي وضعوا فيه تاريخهم كله .

الصور و الكتب القديمة و الكتب الدينية المقدسة و الادعية و أوعية الطعام و أزر الأسرة و ستائر الحوائط و الملابس التقليدية و أردية النسوة المزركشة و حتى جهاز  التسجيل الوحيد الذي كانت تلتف حوله الأسرة و بعض الجيران لسماع أغاني حضيري أبو العزيز و عمر دزة ئي ، عربية و كردية على السواء .

باعوا ما تبقى في مزاد علني بعد ان اخذو النفيس منه تحت اشراف الأزلام  !!!!!!!!
كانوا يحتفظون بصور عدة للعائلة و لي بالأخص  صور كثير منذ طفولتي ، مزقها البعثيون بكل ضراوة كأنهم يمزقون شخصا حيا ، بقت لي صورة وحيدة على الحائط ، جاءت إحدى قريبات العائلة إلى المزاد على ما تبقى من متاعنا المنزلي ، و تظاهرت أنها عربية و كأنها من غير العائلة  ، و زايدت على صورتي لشرائها حتى تأخذها إلى أمي في ايران التي لم ترني منذ سافرت و لم أكن فارقتها من قبل أبدا ، و التي أيضا لم ترني بعدها الا مرة واحدة و أخيرة ، حصلت القريبة على الصورة و دفعت ثمنها  خرجت من المنزل – المزاد ، و لكن أحد البعثيين ناداها و سالها أنتي تريدين الجرجوبة- البرواز اليس كذلك ردت خائفة : نعم فقال لها اذن ما حاجتك بصورة هذا الشاب الذي بداخل الاطار انه كردي فيلي يعمل مع المتمردين الأكراد ؟ ، و أخرج الصورة في لمح البصر و مزقها و داسها بقدمه و أعطاها الاطار و خرجت قريبتي صامتة ، كانت المسكينة تريد أن تحتفظ لأمي بصورة ابنها الغائب و خاطرت بهذه التمثلية و لكن حدث ما حدث .

لم يسمحوا لأي من آل البيت بأخذ شيء و لا حتى الأغراض و رحلوهم قسرا على مدار اربعة عشر يوما متصلين إلى أن ألقوا بهم إلى  بستان على  حدود التماس مع البيشمركة الكردية بشقلاوة قائلين لهم " اذهبوا إلى ملا مصطفى "  ،  و قرب الفجر جاءت طائرتان  عسكريتان  و دكتا البستان  تماما ، و بالصدفة و في المساء الذي وصلوا فيه  كان الجميع قد هربوا ، هربوا  بالصدفة و لم يكونوا قد توقعوا هذا الانتقام الغادر و القصف بطائرات حربية لعائلة من النساءء و الأطفال و العجائز .

الآن يعفون عن المسجونين و المعتقلين و الآن أسألهم : لو يردون لي صورتي عندما كنت شابا و لو يعيدون لي أمي التي لم تستطع أن تراني و لا حتى أن تحتفظ لي بصورة الغائب ، هل سيعيدون لي أصدقائي و أهلي و زملائي ، هل سيعيدون لي 33 عاما من الغربة المتصلة ، ساعتها و ساعتها فقط  قد أفكر حقا في ألا انتقم منهم و لكن ليس العفو عنهم ، فالعفو يبقى  من عند الله   .
 

19 December, 2011

سليمان (سله) قصاب و الشعب العربي السوري


 الشهيد شفان كتاني-عدنان موفتى- سليمان قصاب-سوريا 1982
بعد أن حصلت على شهادة الدكتوراه في جامعة ليفربول في بريطانيا أواخر 1974 بقيت أعمل مع الجامعة لمدة أربعة أشهر، وفي نفس الوقت وعِدت بمنحة لعمل بحوث لمدة ثلاث سنوات أخرى. ولكن في أواخر حزيران  1975أعلمتني إدارة الجامعة بأن موضوع المنحة لم يتم لأن مجلس البحوث الزراعية البريطانية  ARCقطعت نصف ميزانيتها بسبب الأزمة المالية عقب ارتفاع أسعار النفط، وعلى ما يبدو  اني كنت أحد ضحايا هذه الأزمة المالية ، أو كما يقول المثل الليبي (ركيك البخت يلكي بالرية عظم).
وفي هذه الفترة ضاقت بيّ الدنيا حيث لم أكن أملك جواز سفر عراقي ساري، كما رحل أهلي إلى إيران في اوائل 1974، وكانت حالتي المالية سيئة، وفي هذه الأوقات كانت الحكومة البريطانية تشدد على فترة الإقامة، لكن بعدها بأسابيع طلب مني رئيس القسم أن أذهب إلى ليبيا لمساعدة عميد عين لكلية الطب البيطري بجامعة طرابلس، ولم يكن بيطريا، حيث قابله رئيس القسم في اليونان أثناء مؤتمر الطب البيطري العالمي وتحدث معه حول استدعائي كمستشار لتأسيس الكلية الجديدة في طرابلس، لذا طلب مني رئيس القسم الذهاب إلى جامعة طرابلس لمدة ستة أشهر على الأقل حتى يجدوا لي منحة أخرى. وبالفعل قابلت العميد الليبي(د.ابو بكر الصقر) في لندن في تموز 1975 وبرسالة منه حصلت على فيزا من السفارة الليبية في لندن للذهاب للعمل وإنشاء أول كلية للطب البيطري في جامعة طرابلس. وكنت في حينها أول عضو للهيئة التدريسية في الكليه الناشئه وبقيت هناك لمدة عشرة سنوات.  
وفي تلك الأيام كان الاتحاد الوطني الكردستاني قد تأسس  في دمشق وكان الكثير من الكرد يتوجهون نحو دمشق للاتصال ومعرفة كيف تسير الأمور مع التنظيم الجديد، وكنت ضمن هؤلاء عندما وصلت دمشق  في أواخر تموز   1975 ففي تلك الفترة كنت بين خيارين: إما الذهاب إلى طرابلس للعمل أو الذهاب إلى دمشق حتى أكون  بين أصدقائي، حيث تشكلت الهيئة المؤسسة للاتحاد الوطني  وكان  في دمشق أكثر من خمسين كرديا يجتمعون لطرح  الأفكار والطروحات لهذا التنظيم الوليد، لقد كان هناك تطرفا نحو اليسارعند بعضهم، ولكني كنت في حينها مستمع: كنت أسمع أفكارا وطروحات جديدة لم أتعود عليها في  الحركة الكردية سابقاً: حيث لم يكن الوضع المالي للتنظيم على ما يرام، بما انعكس على أفراد التنظيم الموجودين هناك، ومن بين كل هؤلاء شخص كنت أحب أتكلم وأجلس معه وأحاوره بالأخص،  لأنه كان يتكلم على سجيته  واسمه سليمان القصاب (سله قصاب). 

وفي  أوائل تشرين الأول من نفس العام 1975 قررت الالتحاق بجامعة طرابلس وعندما ذهبت إلى ليبيا كنت بصحبة مام جلال خلال زيارته، واعتقد كانت تلك هي الزيارة الأولى أو الثانية له إلى ليبيا، وبقيت معه طيلة فترة وجوده في طرابلس في الفندق الوحيد الكبير هناك "فندق الشاطئ ". وكان هناك كل من المرحوم د.كمال خوشناو حيث كان يعمل مع شركة يوغسلافية، والدكتور جمال فؤاد الذي كان يعمل مع منظمة الفاو.  وأثناء وجودي في ليبيا دائما أسأل عن أحوال سليمان القصاب للاطمئنان، وبعدة فترة سنة أو سنتين عدت إلى دمشق لزيارة أخي عادل وأصدقائي (عدنان المفتي  ورزاق فيلي .وآخرين ) وقد جاء إلى مسامعي قصة عن سليمان القصاب وكيفية حصوله على رخصة قيادة سيارة سورية في محافظة الحسكة، ونسيت الموضوع في خضم الحياة.
وبالصدفة كنا نجلس مؤخرا في بيت صديقي عدنان المفتي في أربيل ، وكان هناك اثنان من زعماء  اكراد سوريا وفي الخلفية كان التلفاز السوري يلعلع بكلمات مثل (الجيش العربي السوري ,الشعب العربي السوري ) وهناك في سورية لابد ان يكون كل شئ  عربيا , كرديا كنت أو تركمانيا أو أرمنيا أو أية قومية اخرى فأنت في الوثائق الحكومية السورية مواطن عربي سوري  ؟! . هنا ذكرنا كاك عدنان بقصة سليمان القصاب، وكيفية حصوله على رخصة القيادة. وبعد جهد كبير استلم الرخصة وقد كتب في الجنسية بأنه عربي عراقي مما أثار غضبه، وبالتالي رفض استلام الرخصة قائلا لضابط  المرور بعربيته الركيكة (( يابه صدام حسين من زمان قال انتو أكراد مو عرب والعراق عرب و كرد ..أني ما يقبل و لازم تكتب كردي عراقي ))، وتعاطف معه ضابط المرور وأعطاه رخصة جديدة وباسم سليمان القصاب- كردي -عراقي، وحسب علمنا فإنه الوحيد في سوريا يحمل هذا اللقب.
والآن ونحن في العام 2011 الذي قارب على الانتهاء فقد اسقطت المعارضة السورية كلمة "العربي" واحتفظت بكلمة سوري فقط في حين لازال النظام يستعمل كلمة الجيش "العربي" السوري والشعب "العربي" السوري ...الخ ، وأنا كمقيم في بريطانيا منذ أربعة عقود أقول أنه لو أصدرت الحكومة البريطانية جواز سفر أو رخصة قيادة باسم بريطاني إنكليزي" ستقوم القيامة، ولا أود أن أذكر عواقبها لأنها وخيمة، وطريقة مخاطبة (ومعاملة) حكومة دمشق للشعب السوري هي "الطائفية بأم عينه و يا حبذ  لوتخطوا المعارضة السورية مواقف أكثر جرأة لتغيير الثقافة المشوهه ومنها هذه المفردات التي تشكل حاجزا نفسيا تحول دون التعاون والتنسيق المطلوب بين مكونات المجتمع السوري .
طالب مراد
كوردستان 20-12-2011

17 December, 2011

صدام حسين ينقذ حياتي - ميخ 5



ميخ 5:
صدام حسين ينقذ حياتي
كتب ونشر في اواخر 2002 في صوت العراق باسم ابو دارا(طالب مراد)

زميل من زملائي زار مؤخرا إحدى الدول العربية التي تأتي أخبارها في مقدمة الأحداث هذه الأيام  ، و عاد متعجبا أشد العجب من شعبية صدام حسين في بعض الأوساط الشعبية هناك ، و هو ما يذكرني بهذه القصة التي حدثت لي بالصومال أوائل العام  1996 .

كنت وقتها في مهمة عمل تابعة لإحدى الهيئات الدولية ، و ذهبت على رأس لجنة استطلاعية للوقوف على الأضرار التي أصيب بها فلاحو بعض القرى من جراء فيضان مدمر حدث في الجنوب ، وتدارك آثاره ، تحركنا من مدينة قسمايو الجميلة على المحيط الهندي و معي 3 زملاء أحدهم سوداني و الثاني من بنجلاديش  و الثالث فرنسي ، و أخذنا معنا عدة شاحنات نصف نقل - و كالعادة كان معنا  مسلحون لأغراض الحماية .

جنرال مورغان (الثاني على يميني) كان في استقبالي في فسمايو بعد اطلاق صراحي
و كوني رئيس البعثة و لعلاقتي الوطيدة مع الصوماليين أصر قائد مجموعة الحماية – و هو شخصية معروفة محليا _ً على أن يقود هو بنفسه السيارة التي تقلني .

بينما جلس بعض الحرس بالخلف بعد أن تركنا قسمايو بــ 50 كم شمالا ، دخلنا إلى قرية مررنا منها بعد اجتياز الإجراءات التي فرضتها إحدى الميليشيات التابعة لأحد أمراء الحرب  ، سمحوا لنا بالمرور ، و لكن في نهاية القرية لم يسمحوا لنا بالعبور إلى خارجها ، هنا أدركت وجود نية للغدر ، و يبدو أن المسلحين المرافقين لنا كانوا تابعين لميليشيات أمير حرب آخر و التي في حالة حرب مع مسلحي هذه القرية ، و ما أن هددونا بالسلاح إلا و  رفع السائق – قائد حراستنا و قائد سيارتي -  يده لأعلى مستسلما على الفور  و نزعوا سلاح مرافقينا !!!!!!!!

من سحنة و نبرة المختطفين و معرفتي المتواضعة باللغة الصومالية أدركت أنهم تحت تأثير مخدر ما و هو ليس القات بالتأكيد ، و حسب معلوماتنا فإنه كان يوجد مصنع للسكر بالمنطقة  كلف بناؤه المستثمرين العرب 80 مليون دولار  و كان  يحيط به  أراض زراعية مترامية  مستغلة  ، و لكن كل ذلك  توقف مع الحرب و تحول إلى أطلال و تم زراعة الأراضي بالمخدرات بدلا من قصب السكر ، و أدمنها عشرات الشباب ممن أصبحوا كوادر في الميليشيات المسلحة العديدة .

نزل الجميع من العربات و بقيت أنا و السوداني و البنجلاديشي و سائقنا الهمام رافعا يديه ، و لمدة ساعة و نصف يطلبون مني أنا بالذات  النزول و ما أن أخرج قدمي من السيارة إلا و يطلقون النار فورا فأتراجع ، ثم يهددون مرة أخرى فأعاود الكرة  ثم يطلقون النار فأتراجع ، أحدهم كان متحمسا لتفريغ مخزن عتاده في أجسادنا ، و كان يقصدني أنا  بصفة خاصة ، و من شدة إحباطه ضربني بظهر سلاحه و لازلت محتفظا بالقميص الذي تلون بدمي إلى الآن.

لقد غنوا للصومال وحمدو الله لنجاتي
كانوا يسألون عني رئيس المجموعة الحارسة لنا ، و عن عملي و جنسيتي ، كان يذكر  لهم ترهات لم يصدقوها محاولا بكل جهد حمايتي  ، كنت أعرفه و أخاه منذ سنوات و أثناء ذلك هدد أحد أفراد  حراستنا بالانتحار احتجاجا على ما بدر منهم تجاهي ، بعد أن خطف السلاح من يد أحد مسلحي القرية ،  و أطلق بالفعل رصاصة أعلى الرأس و شاهدت دخانها فوق شعره الملبد فروعت من الحدث ، ثم جاء الإلهام فجأة لصاحبنا الرافع يديه خلف مقود السيارة فصرخ في لهجة شجاعة مشيرا إلي قائلا :

هل تعرفون من هذا الشخص  ،  انه ابن عم صدام حسين !!!!!!!
و على الفور تغير الجو تماما ، و بدأت حفلة المصافحة و البوسات و الاعتذارات بالصومالية و بالعربية المكسرة  !!!!!!!!
و أهداني أحدهم عصا صومالية تقليدية دلالة على التكريم الخاص منهم ، و أهداني آخر كوفية للرأس و احتفوا بنا  و برئيس حراستنا الهمام !!!!
و هنا لاحظت عجوزاً  تضرب أحد المختطفين بكلتا يديها ؛ لما اقترفه في حق واحد من آل صدام حسين !!!

فار غضبي بل و ضربت أحدهم – ذلك المتهور الذي أراد قتلنا منذ قليل - و شتمته و مع ذلك سامحني إكراما لابن عمي صدام حسين !!!
و أصروا على أن نكمل طريقنا إلى خارج القرية لنصل إلى المنطقة المنكوبة محور مهمتنا و لكننا رفضنا تماما ، و رجعنا إلى قسمايو مساء و كانت البلدة كلها في انتظارنا و على رأسهم جنرال مورجن شخصيا ، و الحقيقة أن الساعات العصيبة التي مررت بها و بقائي رهينة في يد هؤلاء ، ثم أخيرا احتفاءهم المهول بشخصية صدام حسين هو ما جعلني أستبعد تماما خيار إكمال الرحلة .

لقد كان من المفترض أن أفرح تماماً مثلما كان حال زملائي و لكن أن تكون نجاتي عن طريق اسم صدام حسين بعد أن تركته بكل تاريخه الدموي في العراق منذ ثلاثة عقود فهذا حقا أكثر ما أثار حفيظتي ، فقد كان من الأرحم بي أن أموت على يد هؤلاء من أن ينقذني اسم هذا الطاغية .

هذه الواقعة نشرتها إحدى الجرائد البريطانية دون ذكر كلمة  السر العجيبة  التي أنقذتنا و بالطبع  لم يذكروا هويتي الأساسية .

إن صدام حسين في خندق واحد مع تجار الحروب في الصومال و غيرها ، و بالطبع ليس الشعب الصومالي المسالم ، و المطبلون له عبر العالم ليسوا بأفضل من هؤلاء ، هو  مثلهم تماما و لا يختلف عنهم كثيرا و لا قليلا  ، و على ما يبدو أن أمثال هؤلاء هم من قابلهم صديقي في البلد العربي الذي لازال يهوس لصدام حتى الآن  ، و الشبيه بالشيء منجذب إليه  .


09 December, 2011

ميخ الكوردية

ميخ الكوردية !!

 كتبت المقالات باسم ابو دارا بسبب وظيفتي الدوليه في حينه

أعجبنا للغاية مجموعة مقالات الكاتب العراقي الأستاذ جاسم المطير  و المعنونة باسم " مسامير "و التي بلغت حتى نشر هذا المقال أكثر من 800 مقال، و كنا نأمل أن تتحول هذه المسامير إلى خوازيق قريبا تنال البعث و أعوانه ، و من ناحيتنا حاولنا تقديم هذه المسامير الكردية ، و لكن وقفنا أمام حقوق الملكية الفكرية...... لا نريد السطو على  مسامير الأستاذ المطير ،  لذا نقدم " ميخ "  و هي كلمة كردية تعني مسمار أو مسامير .

هذه المقالات نشرت في العام السابق لحرب 2003 بالعراق بعدة مواقع اليكترونية عراقية- على شبكة الانترنت، منها موقع صوت العراق و موقع البرلمان العراقي و النهرين و الأرشيف الفيلي و صفحات عراقية و البيت العراقي،و  التي نجم عنها تحرير الشعب العراقي من طاغية العصر صدام حسين و في الآن ذاته وقع العراق تحت الاحتلال الأمريكي، و اضطربت الأوضاع الأمنية بالبلاد كما يرى الجميع على شاشات التلفاز مشاهد الذبح و التفجير اليومية التي تطال المدنين و الأبرياء 

06 December, 2011

Saddam; The Lord of Heaven and Earth

Written in January 2003
By Talib Murad
The El Hayat newspaper has published a series of interviews with General Nazar Al Khazraji, the former chief of staff of the Iraqi army who worked directly with Saddam Hussein until 1991. Throughout the series, Al Khazraji repeats that Saddam is haunted by history, and that he has become more obsessed with this since the end of the war with Iran. According to him, Saddam is fascinated by the personality of Joseph Stalin, and imitates him whenever possible. This he does not only in the savage way he treats the Iraqi people and their neighbors, but even inside the closed circle meetings he has with his top brass. The difference between these two brutes is that the first has been relegated to the rubbish bin of history (although even today, there are some in Russia and Third World who still do not curse him, while never praising him). Saddam, on the other hand, when he is finally deposited in that famous bin, will be accompanied by an eternal curse. Even those who still support the Iraqi regime today, mainly writers and leaders from the Arab world (who had in the past, or still have, access to Saddam Hussein's purse) will be the first to curse and denounce him -- once they are sure that he has been removed from the scene.
The General told the interviewers that he has heard Saddam say more than once that he reserves the last bullet in his revolver for his own head, and that whoever takes over after him will receive Iraq as dust and rubble. This is a major difference between Stalin and Saddam: the first left a great superpower after his demise, while the latter threatens to reduce Mesopotamia to dust if he is ever removed from power.
Others go even further and liken Saddam to Al Hagaag Ibn Yousuf Al Thakafi who lived from 660 to 714 A.D. Al Hagaag was a teacher of the Arabic language in the Arabian desert who later joined the military and became a powerful governor, infamous for the staggering number of Mesopotamians that he executed during his rule. Al Hagaag was a brutal monster and symbolized the Arabian sea of sand drowning the green shores of Mesopotamia.
 The father of all the idols of Saddam, who is the father idolater, is Hamourabi, the 'lord of heaven and earth' who lived some 3,780 years ago. Hamourabi codified his laws in ancient Babylon but did not make up the laws himself as they were based upon older, Sumerian law. All the citizens of Babylonian society were protected under this legal system, even the slaves. Hamourabi's code was the first written law in the world and it was based upon equal retaliation according to the "eye-for-an-eye" principle.
3,780 years later, a petty dictator, not satisfied with the convoluted modern laws, (which he distorted as the mood struck him), to rule the nation, turned to this antiquated code to rule his unfortunate people. Hamourabi's code of laws was made up of 282 case laws, written in the Akkadian language using cuneiform writing. The imprint of Hamourabi's code of laws is to be seen all over the ad hoc laws of Saddam Hussein, which he produces regularly for whatever occasion. The sentences handed over to the Babylonians, according to the Hamourabi code include the following:
 o Death was the sentence in 22 cases
o Hewn off hands in 5 cases
o Teeth knocked out in 1 case
o Whipping in 1 case
o Breaking of bones in 1case
o Removing of breasts in 1 case
o Burning alive in 1 case
o Skinning alive in 1 case
o Cutting off hair in 1 case
o Taking possession of houses in 1 case
o Drowning in the river in 3 cases
o Exiling in 1 case
o Cutting off tongues in 1 case
o Gouge eyes in 1 case
Nevertheless, despite the apparent barbarity of these edicts, Hamourabi brought prosperity to the land, while Saddam has brought nothing but death and destruction. Hamourabi's law was a unique invention 3,780 years ago; a tool that helped establish the roots of civilization. Saddam's ad hoc laws, on the other hand, have been used to destroy civilization and terminate humanity. Hamourabi never castrated the people of Babylon; Saddam's regime is not only doing it regularly, he is even proud of it. Hamourabi never gassed or poisoned people; Saddam has done it repeatedly. There were no blood feuds or private retributions permissible under Hamourabi's law; Saddam's regime, power and behavior are all based on feuds and private retribution.
If Saddam had his way, he would have the names of the hundreds of thousands of Iraqis who were made to disappear or were killed by his security apparatus, inscribed on pillars similar to Hamourabi's blocks and have them erected all over the country. He could even have the castrated testicles, cut tongues, gouged eyes and chopped ears of his victims pickled and displayed in large jars in public parks and museums or perhaps arrange the curingof the amputated hands of Iraqis and make ashtrays out of them for the Ba'ath party members to use.
Who knows what the current lord of heaven and earth can achieve? I offer my apologies to the lawyers and historians for infringing on their domains.

03 December, 2011

نكتة «المواطنَة العراقية» أوكيف حصلت على شهادة الجنسية

نكتة «المواطنَة العراقية» أوكيف حصلت على شهادة الجنسية
بقلم/ طالب مراد 
إذا أردت ان تعرف عن صعوبات وعجائب الحصول على "شهادة الجنسية العراقية" فعليك أن تسأل كرديا فَـيليا عن ذلك، هذا إن وجدت واحدا منهم لتتكلم معه؛ لأن ابو عدي "خله طشارهم ما له والي" ، بل إنهم الآن وبعد اسقاط نظام صدام حسين في 2003 قد خرجوا من المولد بلا حمص.انهم من أكثر الفئات تعرضا للظلم قبل البعث وبعده أيضا. ولم يتم لا تعويضهم بعدل ولا انصاف، رغم مشروعية مطالبهم وهول ما لحق بهم من تهجير واقصاء وتنكيل بل وقتل جماعي.

(ولأخوتنا العرب فإن شهادة الجنسية تختلف عن بطاقة أو دفتر الجنسية المعمول به في أرجاء المعمورة)  ومعلومة أخرى لغير العراقيين فإن الشعب العراقي ومنذ 90 عاما مصنفون إلى تبعية عثمانية، وأخرى صفوية، كما يشرحها الكاتب كاظم حجاج في مقالته الجميلة أدناه. تقسيمات لا زال أثرها ساريا رغم اسقاط الديكتاتورية.

أما أنا شخصياً فقد حصلت على صك الغفران هذا في عام 1963، في قصة طريفة، وأعيد نشرها أدناه مع مقال كاظم الحجاج، وكانت قد نشرت سابقا في بعض المواقع العراقية ومنها موسوعة النهرين، بتاريخ 9/1/2003 حيث كنت أكتب باسم ابو دارا بسبب وظيفتي الدولية في حينه.

* هكذا أصبحت عراقياً- طالب مراد

منذ أربعين عاما، وفي نفس العام الذي جرى فيه الانقلاب البعثي على الزعيم عبد الكريم قاسم، كنت قد اجتزت امتحان شهادة البكالوريا مرتين، والسبب أن أسئلة الامتحان قد سربت وقتها بفعل فاعل لبعض الطلبة وتناقلتها الأيدي لاحقا مما حدا بالمسئولين لإعادة الامتحان في عموم العراق كله، ظهرت النتيجة وكنت من الناجحين، لم أكن سعيدا تمام السعادة فالأهم من النجاح وقتها وحتى الآن الحصول على ورقة شهادة الجنسية العراقية للالتحاق بالجامعة، ذهبت مع اثنين من أصدقاء الطفولة من الكرد الفيلية إلى مكتب الأمن العام والدوائر المنوط بها إتمام هذه المعاملة لنا، واستمر الحال لأكثر من شهر نذهب كل يوم لمكتب مختلف دون جدوى، حتى وصلنا إلى مفوض شرطة عراقي اسمه " أحمد " والذي ألقى أوراق المعاملة بكل ازدراء أمامنا منهياً كل آمالنا بقوله " يالله ... روحوا انتوا مو عراقيين ... وقانون الجنسية ما يطبق عليكم "، عدت لبيتنا مغتما، إذ ضاع لدي كل أمل في إكمال تعليمي بالجامعة، هدأت أمي من روعي، وجاء بعد قليل أحد أعمامي وكان تاجر صابون رگي حلبي بالشورجة ببغداد، فطمأنني طالبا مني الذهاب بعد يومين لمفوض الشرطة ذاته، وفعلا ذهبت إليه في الموعد ولم أصدق عيني فقد عاملني الشخص بمنتهى الأدب بل وأفسح لي مكانا بجواره وأعطاني شهادة الجنسية العراقية، عدت لبيت العائلة أحكي على عجائب الأمور التي حدثت وأبحث عن سر هذا التحول لدى عمي الذي قال أنه أرسل حقة صابون زنابيلي إلى هذا المعتمد فأتت بالنتيجة الفورية، نعم أربعة كيلوهات من الصابون حددت مصيري العلمي والعملي لاحقا !!

أما صديقاي : فالأول اختفى مع آلاف من الكرد الفيلية أوائل الثمانينات بينما كان الثاني يبيع اللعب في الأسواق ببغداد للإنفاق أثناء دراسته معنا في المدرسة، ومع ذلك لم يشفع له كفاحه هذا في مواصلة تعليمه ولعله لازال هناك يبيع اللعب على الطرقات والنواصي!

المهم أكملت دراستي الجامعية وذهبت إلى بريطانيا، وفي العام 1974 عادت السلطات العراقية وسحبت عني الجنسية ونشر الخبر في جريدة الوقائع العراقية، فأكملت حياتي بعد ذلك وقد عرفت سبب أخذي الجنسية العراقية وهو الصابون بارك الله فيه، ولكن لم أعرف حتى الآن ورغم مرور 28 عاما سبب سحبها عني، وهل من الممكن استعادتها مرة أخرى بأطنان من الصابون حسب تغير الأسعار والأهواء !! وسبحان مغير الأحوال!!
وما حدث معي ومع صديقاي مجرد مثال على العقلية التي تدير البلاد بالعراق حيث تخضع المعاملات الرسمية كلها لهوى القائمين عليها من أصغر موظف وحتى رئيس البلاد، يسحبون الجنسية عمن يشاءون، ويعطونها وقتما يريدون وبالطبع بمعايير حزبية ومالية خاصة بهم، ويخترعون للناس مواقيت ومحال ميلادهم، وحتى تصنيفهم عربا وكردا وغير ذلك، فهناك مثلا مئات الآلاف من العراقيين الذين خرجوا من بلادهم بوثائق سفر عليها تاريخ واحد هو الأول من يوليو ـ تموز وهذا دليل على مدى الامتهان الذي تعامل به سلطات البعث أبناء هذا الشعب إذ تحرمهم حتى من تسجيل يوم ميلادهم الحقيقي، هذا طبعا إن هي تنازلت وأعطتهم وثيقة رسمية تثبت عراقيتهم، فياترى كم من العراقيين تغيرت حياتهم بناء على تصنيفهم مواطنين من الفئة " أ " أو من الفئة " ب "، أو أعطوا شهادة جنسية أو حرموا منها لكنهم بقوا في العراق، كيف يعيش هؤلاء في بلد يرفض الإقرار بانتمائهم إليه يعيشون فيه منقوصين الكرامة، و يرفض حتى خروجهم منه ـ حيث اجراءات السفر هي الأخرى معقدة وتتطلب الكثير، كيف سارت الحياة بمن خرجوا من العراق فتلاعبت بمصائرهم الظروف والمهربون عبر الحدود أو حتى سلطات اللجوء في البلد الذي ألقت به الصدف أمامهم ـ هذا إن وصلوا لها سالمين ـ ، كل هذا العناء لمجرد أن بلادهم لم تعطهم وثيقة تقر فيها انتماءهم لها وتحترم هذا الانتماء وتبعاته عليها، وغير ذلك الكثير.

الآن والحديث عن عراق جديد بعد سقوط طغمة آل صبحة فإنه من الضروري سن قانون عادل ومنصف للجنسية العراقية، لا يفرق بين المواطنين على أي أساس واضعا إياهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، هذا ما نطمح إليه من القائمين على أمر العراق الجديد.
رابط:

** نهاية الاسبوع
 كاظم الحجاج
برزت أزمة المواطنة العراقية، مع تأسيس الدولة في العشرينات. فلقد اختلف العراقيون وتناحروا قبل سقوط دولة بني عثمان- على مَن سيكون ملكاً على العراق، مِن العراقيين؟ ولأن كلمة «ملك» تعني المجد والرفعة والنسب و«الامتلاك»، ولأن مغنّية الحي العراقية ناشزة الصوت دوماً! ولأن المرشحين الاثنين «شيعيّ وسنيّ»، هذا مرفوض من هذا وذاك مرفوض من هناك، فلا بد من حلّ يجنبنا تجريد سيوفنا، وسفك دمائنا – والدماء هي ضرورة لكل «شرف رفيع!»-. ولأن الانكليز كانوا حاضرين ومؤثرين، فلقد «اقترحوا» علينا رجلاً هاشمياً من الحجاز، كان الشاميّون قد رفضوه ملكاً عليهم حين أراد الانكليز «تمليكه» الشام، حتى لقد خاطبه شاعر شاميّ ساخر:
بفضلكَ أم بِفضلِ الانكليزِ/ دخلتَ إلى بلاد الشام (أيزي)!؟
  لكن الرجلَ الوقور دخل العراق معززاً مكرماً – بفضل الانكليز وبفضل خلافات العراقيين على ملك عراقيّ !-  

وهكذا استمر حكم العراق من أناس غير عراقيين، منذ نبوخذ نصّر أخر العراقيين القدامى!
فهل من الإنصاف الطلبُ من شعب أن يصير «وطنياً» وهو محكوم من رجال غيرعراقيين، حتى وان كانوا عرباً مسلمين. هاشميين؟! علماً ان العراق ليس كلّه عربيّاً، ولا كلّه مسلماً. هاشمياً؟!

ثم بدأت أزمة «الاوراق» - (عاصفة الاوراق) بحسب ماركيز - والأوراق الأهم هي «شهادة الجنسيّة العراقية»، فلكي يثبت العراقيّ عراقيّتهُ فلا بدّ من وثيقة تؤكد انه من «التبعيّة العثمانية»!

وبالمقياس القانوني لا التاريخي، فالتبعيّة العثمانية وثيقة احتلال سابق! وليست وثيقة مواطنة سابقة. اذ كان يمكن الاعتماد على شهادة شهود عدول من كبار السنّ من جيرانك، يؤكدون سكنك في القرية أو المدينة، منذ عشرة أعوام او أكثر، او من سجلاّت الدولة و«المخاتير»، ومن سجلاّت الخدمة المدنيّة او العسكرية.

والمفارقة الصادمة الأخرى هي: لكي يثبت العراقي «عروبته» فلابدّ من تخليه عن عراقيته، التي حاول بشق الأنفس اثباتها من قبلًّ!، بمعنى: أنك لكي تثبت عروبتك، فعليك أن «تعترف» بأن أجدادك هم من أصول نجديّة أو حجازية أو حتى يمنيّة - قحطانية عدنانية!. 

بمعنى آخر: كي نثبت عروبة العراقيين لا مفرّ من التأكيد على أن العراق هو بلد مهاجرين نازحين ولم يكن على أرضه شعب من قبل!!!! 

علماً انه بلد النهرين والحضارات الأولى بأهله وناسه القدامى. كما أن العراق قد شهد نهايه اخر دولة عراقيه مسيحيه «دولة المناذرة» قبل دولة العرب المسلمين بمئات السنين، وأن أرض العراق قد شهدت اول معركة بين العراقيين وبين الفرس «معركة ذي قار» قبل ظهور الإسلام بمئة عام تقريباً .

والمؤرخون الإسلاميون «يخبطون» العرب كلهم بتهمة «الجاهلية» وعبادة الأصنام ووأد البنات والربى والغزو والعصبيات، وغيرها من الشرور، في حين لم يكن العراق ولا مصر ولا الشام ولا اليمن ولا الخليج يعبدون الأصنام، اذ كان العراقيون واليمانيون والخليجيون  مسيحيون موحدين (نسطوريين)، وكان الشاميون مسيحيون موحدين (يعقوبيين) والمصريون مسيحيون موحدين (قبطيين)، أما عبادة الأصنام ووأد البنات والغزو والربى وزواج المحارم، فكانت كلها محصورة في قرية صحراوية اسمها «مكة» ! وكان لا بد أن يظهر الإسلام من تلك القرية الوثنيّة، وليس من سواها!!!!

 وأزمة العراقيين حتى اليوم، هي أنهم غير قادرين على إثبات «عروبتهم»، واثبات عراقيتهم، لأنّ هذه تناقض تلك وتعارضها، فهم «شعوبيون» احياناً، و«صفويّون» أحياناً. فحتى قبائل شمر وربيعة وعبادة وسواها لم تشفع لعروبة العراقيين، او حتى لتعريبهم، لأنها قبائل منقسمة بين التسنّن والتشيّع، فلم يعد الانتساب اليها ينفع في «السيطرات» الطائفيّة منذ ست سنوات!

 أنا شخصياً أملك شهادة تبعيّة «عثمانية» وهي تخجلني، فمتى يحصل العراقيون على شهادة جنسيّة «عراقية» ومن دون الحاجة إلى اثبات أن أجدادهم نازحون نجديّون أو حجازيون او حتى يمانيّون سعيدون