03 January, 2013

كيف خرب صدام حسين الجيش العراقي!

ميخ( مسامير الكورديه) – 17 -جماعة الطين
 9.2. 2003( نشر في صوت العراق)
منذ أيام قرر صدام حسين إلغاء القرار 115 و الذي ينص على قطع أذن الفارين من الخدمة العسكرية ، هذه العقوبة المستمدة من عقوبات مسلة حمورابي الشهيرة قبل 3845 عام ! . تذكرت و أنا أقرأ هذا الخبر أيام كنت مجنداً في الجيش العراقي منذ أول كانون الثاني عام 1970 ، و لتسعة أشهر ، حيث ألغى نظام البعث وقتها لأول مرة الرتب العسكرية لضباط الاحتياط من حملة الشهادات الجامعية ، و إلحاقهم بالوحدات العسكرية كجنود ،
بينما أعطى صدام حسين في المقابل رتبة نائب ضابط " تنكة " إلى الأميين و خريجي الابتدائية من الموالين لحزب البعث ، ثم تم ترقيتهم بعدها بشهور إلى ضباط ، هؤلاء الآن يتربعون في مناصب رفيعة بقمة الجيش العراقي .كنت قد أمضيت شهري تدريب في أوحال الكوت ، و انتقلت بعدها إلى وحدة جبلية في الموصل (معسكر الغزلاني) ، و هي وحدة كانت مهمتها تهيئة و تدريب البغال التي كانت تحمل العتاد و الجنود إلى الجبال الكردية ، حيث تلاحق هناك من كانوا يسمونهم العصاة ! .
و كان وجود أمثالنا من المتعلمين في الجيش العراقي برتبة جندي أول محاولات البعث لتخريب الجيش العراقي من الداخل و جزء من مؤامرته على الجيش و المتعلمين معاً ، فقد كنا إداريا تحت سلطة رتب أعلى منا من الأميين ، بينما تقنيا كنا مسئولين عن مهام عدة و نرأس هؤلاء و لنا حق توجيههم و عقابهم !
كان يحدث أحيانا أن يتقرب لي بعض الضباط و يتباسطون معي ، رغم أنهم في رتب أعلى مني ، و خاصة أن أحداً لم يكن يعلم إلى فترة كوني كردياً .
كانت البغال و الدواب التي أشرف عليها ضمن وحدة عملي ، و تضم نحو600 بغلاً ، موزعة على خمسة سرايا من إسطبلات مبنية من اللبن( طوب مجفف باشعة الشمس) و الطين ، يجرى ترميمها دورياً ، و لاحظت أن هناك بعض الجنود يعملون ليل نهار في هذه المهمة ، غارقين إلى وسطهم في الطين يمزجون التراب بالتبن و الماء بألبستهم الداخلية فقط ، ولا يتغيرون ، كانوا نحو 40 شخصاً ، سلمت عليهم ذات مرة بالكردية ، ردوا السلام مندهشين ، تكرر ذلك كثيرا ، إلى أن جاءني أحدهم محيياً و بالطبع مستفسراً ، عرفته بكوني مثله ، استبشر خيراً و روى لي قصتهم ، قصة " جماعة الطين " !! . بهذا اللقب كانوا ينادون الأكراد المجندين في هذه الوحدة بالجيش العراقي و الذين كانت مهمتهم تقتصر على ترميم و بناء
إسطبلات البغال ، بل تكاد تكون هذه المهمة في تلك الوحدة قاصرة على الأكراد ، و عرفت أيضاً أن 16 شخصا منهم محبوسين بحجج واهية ، و لم يحصل أي منهم على إجازة ، حتى عندما ينتابهم المرض ، و هو محتمل جدا في ظل الظروف اللا آدمية التي كانوا يعملون بها ، لم يكن ليحول أي مريض منهم إلى المستشفى العسكري بسهولة بسبب تعنت الضباط و المسئولين ، و غالبا لا يحصل من يكشف بالمستشفى العسكري على أي توصيف أو علاج لمرضه أو حتى إجازة للراحة ، و كنت أصرف لهم سراً الأدوية و المضادات الحيوية المخصصة لعلاج الحيوانات أصلاً ، لعلاجهم من الأمراض و الجروح التي كانت تنتج عن السلاسل التي كانوا يقودون بها الدواب .
هكذا كان يتعامل الجيش العراقي مع شركاء الوطن ، و يجب أن يكون الجيش في العراق الجديد لكل العراقيين ؟؟؟؟؟؟


No comments:

Post a Comment