18 July, 2012

TAXI III القاهره

13.7.2012القاهره
اقمت فى مصر اربعة ايام ...كعادتى فيها تركت السيارة و تنقلت بالتاكسى ؛ أحببت ان اعرف اخبار هذه البلد ..اخبارها الحقيقية الغير منمقة او التى تم مونتاجها فى التلفزيون ؛اخبار مصر تسمعها من اهل مصر و بالاخص فئة ( سائقين التاكسى ) تنقلت بين اكثر من مكان و زرت ميدان التحرير احببت ان اعرف احوال البلد بعد اول تجربة انتخابات برلمانية و رئاسية بعد الثورة .فى السابق عندما كنت اركب التاكسى كان السائق يبادرنى بالسؤال من اين انا ؟ و كيف حال بلدى و اخبارها وانتو احسن ناس. اما فى زيارتى الاخيرة فنادرا ما يسألنى سائق من اين انا ؟ اصبح السائق لا يسألنى عن احوال بلدى بل يحكى عن احوال بلده يحكى عن السياسة عن مصير مصر الذى بات يقلق البسطاء ...و غير البسطاء وان سواق التاكسي في القاهره نسوا صدام حسين الى الابد وام يعد موضوع من مواضيعهم
o  
ركبت مع سائق تاكسى فى صباح يوما حار ..كان رجلا كبيرا فى السن تبدو عليه مظاهر التدين كان كلامه عكس ما توقعت من مظهره فلقد انتقد اعضاء مجلس الشعب و انتقد خلط الدين بالسياسة حكى لى ان المصريين كانوا يعلقون امال كبيرة على اعضاء البرلمان الذين خذلوهم ..قال ان الاسعار مازالت فى ارتفاع مستمر قال ان حق الشباب الطاهر الذى استشهد فى الميادين لم يعود حتى الان قال ان ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين تمت برائتهم وسط سخط و غضب اهالى الشهداء قال ان كل ما فعله اعضاء مجلس الشعب انهم رفعوا قيمة التعويضات المالية لاهالى الشهداء ..قال ايضا ان الاخوان المسلمين يسيرون على نهج النظام السابق يريدون السيطرة على مقاليد الحكم فى مصر و ان حزب الحرية و العدالة اصبح اكثر شبها بالحزب الوطنى الذى كان يحكم فى مصر قبل الثورة
o  
سائق اخر قال لى :(يا بيه الصحفيين و الاعلاميين بيكلمونا من فوق و احنا غلابة و بنفهم غيرهم لازم يعرفوا اننا امانة فى رقابتهم )و حكى لى انه كان فى زيارة لاقاربه فى الاسكندرية وقت الانتخابات البرلمانية و كانت احداث شارع محمد محمود و مجلس الوزراء مشتعلة و كان اعداد الضحايا فى تزايد مستمر و نزل شباب الاسكندرية لميدان القائد ابراهيم ليدعموا الشباب الثائر فى القاهرة فاءذا بسيارات تجوب شوارع الاسكندرية تنادى عبر مكبرات الصوت بعدم النزول الى المظاهرات و تحث الشباب الثائر بالعودة الى منازلهم حتى لا تتعطل الانتخابات البرلمانية ؛السيارات كانت لمرشحى الاخوان المسلمين الذين يبيعون دماء المصريين من اجل كرسى فى البرلمان و الذين سرقوا الثورة من شباب ثائر ليس لديه اى خبرة سياسية و لا يجيد التلون مثل الاخوان الذين يشهد لهم تاريخم بالتآمر و الاختباء فى الجحور حينما يكون الوطن فى امس الحاجة اليهم
o  
فوجئت بردود افعال المصريين و بأنخفاض شعبية الاخوان و تراجعها فى شهور قليلة كما فوجئت ايضا بإختفاء سيارات التاكسى القديمة و انتشار التاكسيات الجديدة التى تعمل بعداد و اغلب العدادات يقوم السائقين بتعطيلها حتى يدفع الراكب اجرة اكبر ..صدمنى المشهد فى ميدان التحرير الميدان الذى بهر العالم الذى تلطخ بدم شباب اعزل طاهر خرج ليطالب الخبز و الحرية و العدالة الاجتماعية ..اصبح الميدان يضج بالباعة الجائلين و بائعى الاعلام و الهدايا التذكارية ..صور الشهداء التى تزينت بها صحف العالم اصبحت تباع هدايا تذكارية بائعين الشاى و الذرة و المياه و الترمس ينتشرون فى كل مكان فى ظل غياب ملحوظ لشرطة المرافق و المرور
o  
استقلت تاكسى اخر كان يقوده شاب صغير السن يبدو من مظهره و حديثه انه متعلم تعليم عالى ؛ صعد بى الى كوبرى قصر النيل المؤدى الى ميدان التحرير ذلك الكوبرى الذى يزينه اسدين عملاقين يسميان اسدان قصر النيل بحثت عنهم لم اجدهما ليس لهدمهما او تكسيرهما او نقلهما لمكان اخر و لكن لاختبائهما تحت الاعلام التى يبيعها الباعة و الذين انتشروا ايضا على كوبرى قصر النيل بشكل كبير و فوضوى سألت السائق عن هذه الفوضى ؟ قال لى فى احباط فلتسأل الرئيس مرسى الذى وعد بإعادة الامن و الاستقرار و الانضباط الى الشارع المصرى و لكنه ترك كل شىء و ذهب لزيارة السعودية و غيرها و اشار لى بأصبعه الى نهاية الكوبرى قال لى انظر هؤلاء رجال الشرطة يقفون على جانب الكوبرى لا حول لهم ولا قوة اقترب منهم السائق بالسيارة و ألقى السلام عليهم ثم سأل احد الضباط قائلا : انا معى سائح و يسألنى ايـــــــــــــــــــــن مـــــــــــــصــــــــــــــر ؟ فأبتسم الضباط صغير السن بأسى و قال لا اعرف و خفض رأسه الى الارض حزينا
o  
اكمل السائق الشاب حديثه قائلا : الاخوان المسلمين كيان منظم قبل الانتخابات البرلمانية كانت الاحداث مشتعلة و هدد المجلس العسكرى بتأجيل الانتخابات البرلمانية لحين عودة الهدوء الى البلد خصوصا فى محيط مجلس الوزراء و شارع محمد محمود فأنسحب الاخوان المسلمين من الميادين الثورية على الفور و قاموا بعمل صفقة مع المجلس العسكرى بحيث لا يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية مقابل ألا ينزل الاخوان الى الميادين بل كانوا يقنعون الشباب بالعودة الى منازلهم و حثهم على عدم التظاهر ؛الاخوان عملوا صفقة مع المجلس العسكرى على دمائنا و عندما نزلوا الى الانتخابات قاموا باللعب على اصوات الفقراء و احتياجاتهم و استغلوا الدين فى الدعاية و قاموا بتخويف الناس الغير واعين من الليبرالين و قالوا لهم انهم كفار سينزعون الحجاب من نسائكم و ينشرون الفجور و الرذيلة بين المجتمع ؛ اما فى انتخابات الرئاسة فذهب الاخوان لما هو ابعد من ذلك قاموا بعمل قوافل طبية لقرى مصر الفقيرة بل و زاروا قرى الصعيد الذين مازلوا يتمسكون بعادة ختان الاناث و قاموا بتوفير قوافل طبية للبيوت تقوم بختان الاناث مجانا مقابل ان اصوات الناس تذهب لصالح محمد مرسى اما السلع التموينيىة فقاموا بتوزيعها بكثرة على القرى الفقيرة بالاضافة الى توفير اجولة من البطاطس للفقراء و قامت نساء الاخوان المسلمين ( الاخوات المسلمات ) بزيارة النساء الغير متعلمة فى البيوت و استخراج بطاقات رقم قومى لهم مقابل 50 جنيها قبل التصويت و 50 جنيها بعد التصويت ؛ اما فى جولة الاعادة بين مرسى و الفريق احمد شفيق فللاسف تحالفت القوى الثورية و المرشحين الخارجين من سباق الرئاسةوجهوا مؤيديهم للتصويت لصالح مرسى حتى يقطعوا الطريق امام احمد شفيق الذين كانوا يعتبرونه من النظام البائد ؛ هربوا الى مرشح لا يعرفون عن خططه الاصلاحية شيئا لانهم يكرهون مرشح اخر ..النخبة السياسية الذين ايدوا مرسى فى الاعادة حتى لا ينجح شفيق يعرفون جيدا ان مرسى لا يصلح فى منصب الرئيس ومع ذلك ايدوه فذنب هذه البلد يتحملها هؤلاء من يدعون العلم و الثقافة و الفهم فى السياسة ..و ختم السائق الشاب حديثه قائلا : مرسى فى نظرى لا ينفع سوى وزيرا للسلع التمونية لانه يعرف جيدا من اين تأتى و لمن تذهب ؟
o  
سائق اخر قال لى : قبل انتخابات الرئاسة كان يجب على كل مرشح ان يتوفر له عدد توكيلات معينة من الشعب يتم عملها فى الشهر العقارى و هذا من شروط اللجنة الرئاسية العليا للانتخابات ؛ قال لى قررت ان اعمل توكيل لحسنى مبارك و لكن زحام الشهر العقارى عاق تحرير هذا التوكيل قال ايضا انه ليس فقط من اراد هذا و لكن معظم السائقين اصدقاؤه سألته لماذا ؟ اجابنى قائلا كان فى امن فى البلد كان رجال المرور يأخذون رشوة من اجل تسهيل استخراج رخص المرور لنا ..اما الان فندفع رشاوى ايضا و لا يتم عمل شىء لنا فى المقابل كل شىء اصبح فوضويا حتى رجال المرور لا يريدون العمل يوجد تكاسل فى كل شىء لذلك مبارك كان افضل على الاقل كان يوجد امن لكن اليوم حوادث سرقة السيارات و بالاخص التاكسيات منتشرة و فى تزايد اصبحت انا و زملائى خائفين من العمل فى الليل او الذهاب للمناطق النائية
o  
اما يوم الجمعة13 يوليو ..كان اخر يوم لى فى مصر و كان ميدان التحرير مزدحم بالمتظاهرين من الاخوان ليدعموا قرار مرسى بعودة البرلمان و الذى قامت بإلغاؤه المحكمة الدستورية ؛ركبت مع سائق تاكسى فقال لى : لقد وعد مرسى بعودة الامن و الهدوء و الاستقرار للشارع المصرى و الشارع السياسى فى خلال 100 يوم و اول قرار اتخذه هو عودة البرلمان فأضطرب الشارع و عادت المظاهرات كما ترى امامك هذا هو الاستقرار الذى وعدنا به و هذا اول قرار يتخذه فى الرئاسة فليستر الله على باقى قراراته ..و اذا كان رئيس الجمهورية لا يحترم حكم القضاء فكيف برجل بسيط مثلى عليه ان يلتزم بالاحكام ؟
o  
ركبت مع سائق اخر اليوم كان لديه لحية فى وجهه ظننته لاول وهلة انه من الاخوان فإذا به يسب فى المتظاهرين و فى الاخوان الذين يعطلون البلد و لا يمارسون السياسة هم فقط يقوموا بتسييس الاوضاع لصالحهم ..سألته عن لحيته فقال لى انا تركتها نتيجة للاحباط و ليس لانتمائى لهم ؛ اعطيته الاجرة و اعطيته بقشيشا له ثم اعطيته 5 جنيهات ليحلق لحيته و يترك الاحباط فضحك فرحا
o  
اخر سائق تاكسى ركبت معه اليوم سألته ماذا كنت تتمنى غير مرسى رئيسا ؟ اجابنى كنت اريد رئيسا من شباب الثورة و لكنا لم نحسن معاملة الثوار الاعلام عاملهم مثل الطفل الصغير قام بتدليلهم بزيادة فأفسدهم الدلع و اصابهم الغرور فى مقتل ؛كنت اريد رئيسا لا يذبحنى بأسم الدين و لا رئيسا نبت شيطانيا فى حديقة اشواك مبارك ؛كنت اريد رئيسا يمثل مصر بكل اطيافهاو لفقراء مصر فى المقام الاول؛لا اريد مصريا جائعا او مقهورا او مهانا ولا مريضا لا يجد الدواء؛ نريد الامن ؛نريد حكومة توافق وطنى تبدأ بالتعمير و استغلال ثروات البلد ؛نريد الحرية اسمى شىء منحه الله للبنى ادم ؛قلت له و لماذا لا تظن ان هذا ما سيفعله الرئيس المنتخب محمد مرسى : قال لى مبتسما ابتسامة ساخرة :الرئيس مرسى ؟؟؟ بل قل الرئيس محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين فى مصر
 

1 comment:

  1. تسلم افكارك يا دكتور ..تركيزك على فئة سائقين التاكسى احيك عليه بشدة ,..لك خالص شكرنا من مصر الغالية

    ReplyDelete