08 September, 2013

تاكسى القاهرة بعد الاخوان ... تاكسى 8

وصلت القاهرة فى الخامسة فجرا اى قبل انتهاء حظر التجوال بساعة بعد ان تأخرت الطائرة بنا ساعة كاملة  وكان المفروض ان رحلة الطائرة البريطانية من لندن تبدأ عند الساعه الخامسة من بعد ظهر اليوم السابق لكن نظرا لحظر التجوال اقلعت الطائرة حوالى منتصف الليل .. كان رجال الجمارك اكثر دقة من اى وقت اخر فى مطار القاهرة كانوا يدققون على كل شىء.
 
كان سائقي سيارات التاكسى فى انتظار الركاب كالعاده لتوصليهم و مزدحمين و يلاحقون الركاب و كل من زار القاهرة لاحظ هذه الظاهرة علما ان حظر التجوال لم يخفف من هذه الظاهرة و على ما يبدو كنا ركاب الطائرة الوحيدة المتواجدين داخل ارض المطار و بعدها بلحظات وصلت طائرة قطرية  ... لاحظت ان هناك سائق تاكسى ( ذو لحية كثيفة بيضاء ) تخلى عن دوره فى صف سائقى  التاكسيات ليتقدمهم جميعا بطريقة ( الفهلوة ) و هذا ما  أثار السائقين ضده ليقف فى الطابور و يحترم النظام و لكن دون جدوى لم يلتفت اليهم بل اسرع الى سيدة اجنبية شابة حاملا حقيبتها و يريد توصليها رغم رفضها له و كانت تبدو خائفة منه ... ثم اقترب منى سألنى عن وجهتى و لكنى اعتذرت ضاحكا و ساخرا بينى و بين نفسى محدثا نفسى ( يعنى سايبهم كلهم و معتقد انى ممكن اوافق ان توصلنى ) و قلت له اننى انتظر سائق سيأتى ليصطحبنى قادما من المعادى ... و هنا تدخل امين شرطة موبخا السائق الملتحى على افعاله و بدأت مشاجرة بينهم و تعالت الاصوات و فهمت من خلال حديث الرجل الملتحى انه لا احد يريد ان يركب معه لانه ملتحى و انه أفلس بسبب اضراب الناس عن التعامل معه  و ما زاد الطين بلة ان احد ركاب الطائرة القطرية و كان ملتحى مثله رفض و بعنف ان يركب معه هو الاخر .... و يبدو ان النفور من الملتحين قد وصل فى القاهرة الى الذروة و نبذهم الجميع بسبب ما فعله حكم الاخوان فى مصرخلال سنة واحدة .
 
 عندما اتى لى السائق ليصطحبنى الى منزلى فى المعادى اخبرنى ان الشعب المصرى و الناس البسيطة فى الشارع اصبحوا اكثر وعيا لما يدور حولهم و ان البسطاء يدركون جيدا من معهم و من عليهم من يحب البلد بإخلاص و من يريد ان يلتهمها ..زاد الكره للاخوان و كل من ينتمى اليهم يستغربون من قناة الجزيرة التى تذيع مسيرات و تقول انها حاشدة للاخوان رغم انهم لا يتعدوا عن المئات فى اماكن على اطراف القاهرة و محافظات بعيدة و ان الاهالى يتعاملون مع هذه المسيرات بإلقاء زجاجات فارغة عليهم و حجارة و احيانا يقذفونهم بماء متسخ من اعلى البنايات .... ماذا تريد قناة الجزيرة من مصر يا دكتور هكذا فاجأنى السائق بسؤال و لم يترك لى فرصة للاجابة بل اجاب هو بسرعة ( عايزين مصر تبقى زى سوريا بس هى هتفضل مصر مش سوريا ) و على ما يبدو ان ما تبثه جزيرة بالكذب عن مصر قد خلق عند المصريين شعور بأن ما تبثه عن ما يجرى من مصائب فى سوريا هو ايضا كذب ملفق مثل ما يفعلونه فى مصر بل الكثير من المصريين اصبحوا يعتقدون ان بشار الاسد ربما يكون مظلوما فى الكثير مما تبثه الجزيرة  و استطرد السائق قائلا : الناس فى الشارع يعشقون الفريق السيسى و من معه يرون فيه الخلاص من الجهل و التخلف و الفشل و كل ما فعله الاخوان فى مصر... سيناء اصبحت بؤرة ارهابية بعد ان فتحها  مرسى للجماعات الجهادية بعد ان اصبح دخولهم الى مصر سهلا بعد ان افرج عن المعتقلين الارهابين و اعطاهم اعفاء من كل الاحكام و كان السائق يتحدث عن السيسى بكل فخر و كان عنده يقين ان مصر ستصبح افضل بس علينا ان ننتظر هذه الايام و ان يكف الغرب و على رأسهم امريكا من التدخل فى شئؤننا.
 
خلال حوالى عشرون عاما قضيتها فى مصر لاحظت عداء شديدا من المصريين لامريكا و خصوصا بعد سقوط بغداد حتى لى انا من الناس التى لا تعرفنى شخصيا عندما كانوا يعرفون اننى عراقى كانوا يتعاملون معى بجفاء و كأننى ابن عم الرئيس بوش ... هذه الايام لاحظت ان العداء لامريكا زاد ووصل الى مرحلة عالية جدا بسبب تأييد امريكا للاخوان و الغير مفهوم من المصريين حتى ان المصريين يتنكاتون فيما بينهم بأن الرئيس حسين اوباما لابد و ان يكون من التنظيم الدولى للاخوان المسلمين و يوجد كثير من المصريين من هو مقتنع بالفعل بهذا مثله مثل  اردوغان الذى نال من المصريين ايضا الكثير من العداء حتى انهم يقولون انه يريد ان يسترجع الدولة العثمانية .. ووصل بهم العداء لامريكا انهم باتوا يفضلون ان يضرب الشيطان سوريا و لكن لا تقترب منها امريكا ... على ما يبدو ان الساسة الامريكان قرروا مساعدة الاسلام المعتدل ظنا منهم انه يتمثل فى نظام الاخوان معتقدين ان صورتهم ستتغير للاحسن فى الشرق و لكن حدث العكس فلا الاخوان اسلام معتدل و لا تحسنت صورة امريكا بل زادت سؤا .. خسروا الحمار و البردعة و من لا يعرف كلمة البردعة المصرية فهى تعنى " جلال الحمار" و كما يقول المصريين ان الامريكان ( خرجوا من المولد بلا حمص ).
 
لاحظت ايضا خلال زيارتى هذه المرة للقاهرة إلتزام المصريين بحظر التجوال و احترامهم للمواعيد على عكس عادتهم بل اننى كلما استوقفت تاكسى يعتذر لى ليلحق ان يعود منزله قبل بدأ الحظر لذلك تزدحم شوارع القاهرة نهارا بكثرة فالكل يقضى اعماله و يشترى احتياجاته قبل بدأ حظر التجوال الذى يطبقه المصريين بكل احترام.
 
 انتهت جولتى القصيرة مع اول تاكسى لى فى القاهرة و على وعد بكتابة ما سيدور مع التاكسيات الاخرى و التى استمتع بركوبها رغم وجود مواصلات اخرى مهمة عندى لكن يبقى سائق التاكسى سواء فى مصر او العراق او كوردستان او اى مكان هو الهدهد صاحب الخبر اليقين .